دور ادارة الموارد البشرية في تحقيق الميزة التنافسية
لاشك أن السبب
الحقيقي الكامن وراء نجاح المنظمات هو المورد البشري ، فعلى الرغم من أن الموارد
المالية و الإمكانيات المادية بما فيها من معدات و تكنولوجيا قد تكون عاملاً مهماً
لنجاح أي منظمة إلا أن هذه الموارد والإمكانيات تصبح قليلة أو ربما عديمة الفائدة
إذا لم تمتلك المنظمة موارد بشرية قادرة
على الاستفادة من هذه الإمكانيات وفاعلة بإضافة قيمة مضافة عليها لتعظيم الاستفادة
القصوى منها . إن هذه القدرة والفاعلية التي يجب أن يتسم بها المورد البشري لا
تتحقق من تلقاء نفسها وإنما تأتي نتيجة
الإدارة السليمة للأفراد ، وهنا يأتي دور إدارة الموارد البشرية في تحقيق الإدارة
الفاعلة التي تتضمن للمنظمة مكاناً مميزاً
في ظل البيئة الشديدة التنافسية للمنظمات .
وسنتطرق في هذا الموضوع إلى مفهوم الميزة التنافسية وأهميتها ،إضافة إلى الدور الذي يجب أن تلعبه إدارة الموارد الشرية في تحقيق ذلك للمنظمة .
وقبل هذا سنقدم
تعريفا للموارد البشرية ولمفهوم إدارة الموارد البشرية .
الموارد
البشرية : هي جميع الناس
الذين يعملون في المنظمة رؤساء ومرؤوسين ، والذين جرى توظيفهم فيها لأداء كافة
وظائفها وأعمالها تحت مظلة هي ثقافتها التنظيمية التي توضح وتضبط وتوحد أنماطهم
السلوكية ، ومجموعة من الخطط والأنظمة والسياسات والإجراءات التي تنظم أداء مهامهم
وتنفيذهم لوظائف المنظمة في سبل تحقيق رسالتها وأهداف استراتيجيتها المستقبلية .(عقيلي : 2009، ص11)
مفهوم
إدارة الموارد البشرية : هي إحدى الوظائف أو الإدارات الأساسية والرئيسية في كافة أنواع
المنظومات ، محور عملها جميع الموارد البشرية التي تعمل فيها ، وكل ما يتعلق بها
من أمور وظيفية منذ ساعة تعيينها في المنظمة ، وحتى ساعة انتهاء خدمتها وعملها
فيها .(عقيلي ، 2009،
ص13)
أما هدف إدارة
الموارد البشرية فهو خلق بيئة عمل مؤهلة ،
مدربة ، محفزة جيدا ، ذات إنتاجية وفاعلية تنظيمية عالية المستوى تتمكن من إنجاز
استراتيجية المنظمة وأهدافها .
مفهوم
الميزة التنافسية وأهميتها :
يشير مفهوم
الميزة التنافسية إلى قدرة المنظمة على صياغة وتطبيق الاستراتيجيات التي تجعلها في
مركز أفضل بالنسبة للمنظمات الأخرى العاملة في نفس النشاط .( مصطفى أبو بكر ، 2004، ص 13)
والميزة
التنافسية هي تميز المنظمة على منافسها بمركز فريد يتيح لها تقديم منتج متميز أو
أكثر بأسلوب ناجح وربحية أفضل . ( مصطفى
، 2001 ، ص415)
وتتحقق الميزة
التنافسية من خلال الاستغلال الأفضل للإمكانيات
والموارد الفنية والمادية والتنظيمية بالإضافة إلى القدرات والكفاءات
والمعرفة وغيرها من الإمكانيات التي تتمتع بها المنظمة والتي تمكنها من تصميم
وتطبيق استراتيجياتها التنافسية التي
تمكنها من إشباع رغبات أصحاب المصالح أو الجماعات التي تتأثر بنشاط المنظمة ،
وتتضمن قائمة أصحاب المصالح كل من حملة الأسهم والملاك ، والمستهلكين ، والعاملين
بالمنظمة , والمنافسين ’ والموردين , والمجتمع ككل. إن الميزة التنافسية لا تتحقق
إلا بوجود منظمة ذات فاعلية عالية وهناك وجهان لفعالية المنظمة هما الفاعلية
الداخلية والفاعلية الخارجية.
فالفاعلية الخارجية تقاس من خلال قدرة المنظمة
على الوصول لأهدافها الاستراتيجية المخطط لها ، أما الفاعلية الداخلية فهي تقاس من
خلال أنشطة إدارة الموارد البشرية مثل : أداء العاملين
، معدلات الغياب ، نسب التسرب ، شكاوى العمل .
ويرتبط تحقيق
الميزة التنافسية ببعدين أساسين هما : القيمة المدركة لدى العميل ، وقدرة المنظمة
على التغيير
v البعد الأول :
القيمة المدركة للعميل : تتحقق
الميزة التنافسية للمنظمة إذا أدرك العملاء أنهم يحصلون _من جراء تعاملهم مع
المنظمة _ على قيمة أعلى من منافسيها . وعلى الرغم من أن السعر يلعب الدور الأكبر
في تحديد مفهوم القيمة لدى العميل إلا أن الأمر أعقد من مجرد مقارنة مستوى
جودة المنتج بالنسبة لسعره، حيث يتضمن مفهوم القيمة بالإضافة إلى السعر
والجودة مدى الاقتناع بالمنتج أو الخدمة ومدى الإعتمادية عليه والولاء له.
v البعد الثني:
التميز : تستطيع المنظمة
تحقيق الميزة التنافسية إذا استطاعت عرض سلعة أو خدمة لا يستطيع المنافسون تقليدها
بسهولة أو عمل نسخة منها و هناك عدة عناصر للوصول إلى التميز:
· الموارد المالية
: إذا تمكنت المنظمة من الحصول على تمويل احتياجاتها اللازمة لإنتاج
السلعة أو الخدمة بشروط خاصة تتيح لها إنتاج هذه السلع والخدمات بسعر أرخص من
الآخرين وبهذا يتحقق التميز .
· الموارد المادية : وتتضمن المعدات
والتكنولوجيا بالإضافة إلى إمكانية المنظمة في الحصول على الإمدادات اللازمة
لعملية الإنتاج فإنه من خلال استغلال تلك الموارد يمكن تقديم المنتج أو الخدمة
بطريقة مختلفة ومميزة عن المنظمات الأخرى .
· الموارد البشرية : القوى العاملة في المنظمة وما تمتلكه من مهارات تفي بنجاح المنظمة.
· الامكانيات
التنظيمية: والتي تشير إلى
قدرة المنظمة على إدارة نظمها والأفراد الموجودين فيها من أجل مقابلة احتياجات
عملائها . وهذه الإمكانيات تلعب الدور الكبير من خلال سياساتها وممارساتها في
تحقيق قيمة أفضل للمنتجات أو الخدمات التي
من الصعب أو النادر تقليدها وبذلك تتحقق الميزة التنافسية
والآن السّؤال المهم هو : ما الذي يجب أن تفعله
لإدارة الموارد البشرية لتحقيق الميزة التنافسية؟...
دور إدارة الموارد البشرية في تحقيق الميزة التنافسية:
إن تحقيق الميزة
التنافسية للمنظمات يتطلب نوعا من التوفيق بين الظروف البيئية الخارجة عن إرادة
المنظمة ، إضافة إلى إمكانيات تلك المنظمة بما تتضمنه من موارد بشرية وموارد غير بشرية ، وتساهم
إدارة الموارد البشرية بدرجة كبيرة في
تحقيق هذا التكامل من خلال الاستغلال الأمثل للموارد والإمكانيات. وكما وجدنا أن
تحقيق الميزة التنفسية للمنظمة يتطلب تحقيق القيمة المدركة لدى العمل ويتطلب
الوصول إلى التميز ، وهنا يأتي دور إدارة البشرية لتحقيق هذه الغاية فهي تؤدي دورا
هاما في ذلك من خلال تصميم و تطبيق برامج إدارة الموارد البشرية
التي يتم تأسيسها في إطار التوجه باحتياجات العملاء بالإضافة إلى العمل على توافر الكفاءات
التي يمكنها الوفاء يتلك الاحتياجات كما أن هذه الإدارة
تقوم من خلال الاستقطاب الأمثل وتعيين الكفاءات
القادرة والراغبة وتدريبهم وتحفيزهم وتطويرهم ، إنها بكل تلك الممارسات تساهم وبشكل
فعال في إعطاء قيمة مضافة أكبر لهذه الإمكانيات بشكل قد يكون نادر ومميز ويصعب منافسته
من قبل المنظمات المنافسة في سوق العمل .
وبالتالي يمكننا
القول أن الموارد البشرية هي مدخل استراتيجي للميزة التنافسية ، فدورها يجب ألا
يكون مقتصرا على حفظ سجلات الأفراد وإعداد كشوف الرواتب الشهرية ووضع اللوائح
والقوانين التنظيمية للعمل فحسب ، إن المدخل
الحديث لإدارة الموارد البشرية يبنى على أساس التّكامل بين خطط المنظمة الاستراتيجية
وبين أنشطة إدارة الموارد البشرية إن مثل هذا التكامل إنما يهدف إلى تحقيق ميزة تنافسية
كبرى للمنظمة.
و مما سبق نجد
أن الدور التقليدي لإدارة الموارد البشرية لم يعد كافياً، و إنّ ما تسعى إليه المنظمات الحديثة في الوقت المعاصر في ظل
هذه البيئة شديدة التنافسية هو إدارة
فاعلة قادرة على إحداث هذا التغيير وهو ما يسمي بالإدارة الاستراتيجية .
وتعرف
الإدارة الاستراتيجية بأنها :
عملية إدارية مكونة من أربعة وظائف أساسية هي : التخطيط ، التنظيم ، التنفيذ
والتوجيه ، الرقابة والتقييم ، يمارسها عادة مجموعة المديرين في الإدارة العليا
داخل المنظمة ، الذين يمتلكون قدماً وظيفياً وخبرة عملية عالية.(عقيلي ،2009، ص 55)
وتعمل الإدارة
الاستراتيجية على رصد التغيرات في البيئة الخارجية وتحليها لتحديد احتمالات النجاح
والإخفاق ثم دراسة وتحليل إمكانيات
المنظمة الداخلية الحالية والمستقبلية ، من أجل توفير الموارد اللازمة للتعامل مع
احتمالات البيئة الخارجية في مسعى منها إلى تحقيق تكيف المنظمة مع بيئتها الخارجية
، ومن ثم تحقيق أهدافها المستقبلية وبالتالي رسالتها .
والإدارة
الاستراتيجية كعملية منسّقة ومستمرة تسعى إلى إحداث التفاعل بين ثلاث عناصر أو
متغيرات أساسية تشكل إطار عملها , وهذه المتغيرات هي :
·
مديرون يمتلكون مؤهلات وخبرات وقيم تنظيمية عالية المستوى.
·
بيئة خارجية تشتمل على متغيرات كثيرة تؤثر في نشاط المنظمة .
·
بيئة داخلية تشتمل على موارد المنظمة وتمثل إمكاناتها.
مراحل
الإدارة الاستراتيجية:
تتلخص مراحل
الإدارة الاستراتيجية بأربع أسئلة : أين نحن الآن ؟ إلى أين نريد أن نذهب ؟ كيف نصل إلى هناك ؟ كيف نعرف أننا وصلنا ؟ ،
ترسم هذه الأسئلة ملامح الخطوات الواجب تحقيقها لممارسة إدارة استراتيجية تعود
بميزة تنافسية عظيمة للمنظمة . وبالتالي فإن مراحل هذه الإدارة هي :
1-
مرحلة التحليل الاستراتيجي (SWOT): ويتم في هذه المرحلة تحليل البيئة الخارجية التي تؤثر أو تتأثر بنشاط
المنظمة وتحديد الفرص والتهديدات المحيطة بها، كما يتم تحليل البيئة الداخلية بما
تملكه من إمكانيات وموارد وما تملكه من نقاط
ضعف أو قوة .
2-
مرحلة دراسة وتحليل اتجاهات المنظمة المستقبلية : أي ماتسعى المنظمة وتطمح إلى تحقيقه في المدى الزمني البعيد والحال
الذي تريد أن تكون عليه ، ومن خلال هذه المرحلة تستطيع المنظمة معرفة الحالة
المستقبلية المرغوب تحقيقها والتي توجه إليها الجهود الحالية .
3-
مرحلة تكوين الاستراتيجية : وفيها توضع استراتيجية المنظمة التي توضح خط سيرها نحو المستقبل وهنا
يجب اتخاذ قرارات ذات اتجاهين :الأول ويتضمن قرارات يجب اتخاذها من أجل اغتنام
الفرص، والثاني اتخاذ قرارات من أجل
التصدي للتهديدات والمخاطر .
4-
تنفيذ الاستراتيجية:
ويشمل الإنجاز في هذه المرحلة على عدة نقاط :
القيادة
، الهيكل التنظيمي ، أنظمة الرقابة ، التكنولوجيا ، إدارة المورد البشري.
5-
تقييم الاستراتيجية : من خلال أنظمة الرقابة والمتابعة الموضوعية يمكن الحصول على معلومات
على شكل تغذية عكسية تفيد في تحديد مدى
نجاح المنظمة من خلال أدائها الكلي في تحقيق ما خططت له للمستقبل البعيد .
أنواع
الاستراتيجيات : تتعدد وتتنوع الاستراتيجيات التي تستخدمها
المنظمات في مجابهة الظروف والتكيف معها ولكل استراتيجية من هذه الاستراتيجيات
ظروف معينة تستخدم فيها وتوافقها دون أخرى ونذكر منها :
استراتيجية قيادة
التكلفة المنخفضة ، استراتيجية الاندماج ، استراتيجية التصفية ، استراتيجية
التنويع
استراتيجية
الاستقرار ، استراتيجية التركيز ، استراتيجية التميز ،استراتيجية الانكماش ،استراتيجية
النمو
استراتيجية التحول
، استراتيجية التوقف.